المفعول المطلق
تعريفه :
اسم
مشتق من لفظ الفعل يدل على حدث غير مقترن بزمن ، ويعمل فيه فعله ، أو شبهه ، على أن
يذكر معه .
نحو : أقدر
الأصدقاء تقديرا عظيما .
فتقديرا :
مفعول مطلق منصوب ، العامل فيه فعله وهو : أقدر .
وسوف نتعرض
لعامله بالتفصيل في موضعه إن شاء الله .
ويتنوع
المفعول المطلق فيكون نكرة كما في المثال السابق ، وقد يكون معرفا بأل نحو
قوله تعالى : { فيعذبه الله العذاب الأكبر }
أو
بالإضافة . نحو قوله تعالى : { وقد مكروا مكرَهم }
وقوله تعالى :
{ ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها }
ويأتي المفعول
المطلق لإحدى غايات ثلاث توضح أنواعه ، ويكون منصوبا دائما .
أنواعه :
1 ـ يأتي
المصدر لتوكيد فعله .
نحو : قفز
النمر قفزا . وأجللت الأمير إجلالا .
ومنه
قوله تعالى : { وكلم الله موسى تكليما }.
فالكلمات :
قفزا ، وإجلالا ، وتكليما مفاعيل مطلقة ، وهي مصادر لكل من الأفعال قفز ، وأجلّ ،
وكلم ، وقد جاءت مؤكدة حدوثها .
ومنه قوله
تعالى : { إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا }
وقوله تعالى :
{ كلا إذا دكت الأرض دكا دكا }
2 ـ لبيان
نوعه .
نحو : تفوق
المتسابق تفوقا كبيرا .
ونحو : انطلقت
السيارة انطلاق السهم .
فكلمة تفوقا
جاءت مفعولا مطلقا مبينا لنوع فعله ، لأنه موصوف بكلمة " كبيرا " ، وكذلك كلمة
انطلاق جاءت مفعولا مطلقا مبينا لنوع فعله ، لأنه مضاف لما بعده ، وهو كلمة " السهم
" وهكذا كل مصدر جاء موصوفا ، أو مضافا يكون مبينا لنوع فعله .
ومنه
قوله تعالى : { ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }
ومنه قوله
تعالى : { إنا فتحنا لك فتحا مبينا }
وقوله تعالى :
{ يرونهم مثليهم رأي العين }
وقوله تعالى :
{ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى }
3 ـ أو لبيان
عدده .
نحو : ركعت
ركعة . وسجدت سجدتين .
" فركعة ،
وسجدتين " كل منهما وقع مفعولا مطلقا مبينا لعدد مرات حدوث الفعل .
فركعة بينت
وقوع الفعل مرة واحدة ، وسجدتين بينت وقوع الفعل مرتين ، وكلاهما مصدر أسم مرة .
ومنه
قوله تعالى : { وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة }
* تثنية المفعول المطلق وجمعه :
1 ـ المفعول
المطلق المؤكد لفعله لا يثنى ولا يجمع ، فلا نقول :
انطلقت
انطلاقا : انطلقت انطلاقين ، ولا انطلقت انطلاقات .
2 ـ المفعول
المطلق المبين للنوع يجوز تثنية وجمعه على قلة .
نحو : وقفت
وقوفي محمد وأحمد .
بمعنى أنك
وقفت مرة وقوف محمد ، ومرة أخرى وقفت وقوف أحمد .
3 ـ المفعول
المبين للعدد فإنه يثنى ويجمع على الإطلاق ، لأن هذه هي طبيعته .
نقول : جلدت
اللص جلدة . وجلدت اللص جلدتين ، وجلدته جلدات .
* عامل
المفعول المطلق :
يعمل في
المفعول المطلق كل من الأتي :
1 ـ الفعل وهو
الأصل . نحو : احترم أصدقائي احتراما عظيما .
وقد مر معنا
عمل الفعل في مصدره من خلال جميع الأمثلة السابقة .
2 ـ المصدر ـ نحو قوله تعالى : { إن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا } .
فجزاء مفعول
مطلق مبين لنوع العامل فيه وهو المصدر : جزاؤكم .
3 ـ اسم
الفاعل . نحو قوله تعالى : { والصافات صفا } .
صفا : مفعول
مطلق مؤكد لعامله وهو اسم الفاعل : الصافات .
4 ـ الصفة
المشبهة . نحو : هذا قبيح قبحا شديدا .
قبحا : مفعول
مطلق مبين لنوع عامله وهو الصفة المشبهة : قبيح .
5 ـ اسم
التفضيل . نحو : عليّ أشجعهم شجاعة . ومحمد أكرمهم كرما .
فشجاعة ،
وكرما كل منهما مفعول مطلق جاء مؤكدا لعامله وهو اسم التفضيل :
أشجعهم في
المثال الأول ، وأكرمهم في الثاني .
ما ينوب عن
المفعول المطلق (للمطالعة والفائدة)
وردت بعض
الألفاظ التي تذكر بعد الفعل لتؤكده ، أو لتبين نوعه ، أو مرادفه ، أو صفته ، أو
عدده ، وغيرها من الأنواع الأخرى ، ولكنها غير مشتقة من لفظه ، لذلك عدها علماء
النحو مما ينوب عن المفعول المطلق ، ولها أحكامه ، فهي منصوبة مثله . وسنتحدث عنها
بالتفصيل :
1 ـ مرادف
المفعول المطلق .
نحو : فرحت
جذلا . ووقفت نهوضا .
فجذلا جاء
نائبا عن المفعول المطلق ، وهو مرادف لمصدر الفعل فرح : فرحا .
الذي لم يذكر
في الجملة ، وذكر مرادفه عنه .
وكذلك المصدر
نهوضا جاء مرادفا لمصدر الفعل وقف وهو : وقوفا .
ونحو : سرت
مشيا ، وجريت ركضا ، وأكرهه بغضا . وقعدت جلوسا .
غير أن بعض
النحاة لا يجعل الجلوس مرادفا للقعود بل هو مقارب له ، لأن القعود يكون من قيام ،
أما الجلوس
فيكون من اتكاء
ومنه
قوله تعالى : { فمهل الكافرين أمهلهم رويدا }
2 ـ ينوب عنه
أسم المصدر .
واسم المصدر
ما دل على معنى المصدر الأصلي ، وكان أقل منه أحرفا نحو : أعنته عونا .
فعونا نائبا
عن المفعول المطلق ، وليس مفعولا مطلقا ، لأنه ليس مشتقا من الفعل
أعان المذكور
في الجملة ، والذي مصدره : إعانة ، وإنما هي مصدر الفعل : عان .
ومنه : اغتسلت
غسلا ، وأعنته عونا ، وأعطيته عطاء ، وكلمته كلاما .
ومنه
قوله تعالى : { فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا }
وقوله تعالى :
{ والله أنبتكم من الأرض نباتا }4 .
4 ـ ملاقيه في
الاشتقاق . وهذا يختلف عن اسم المصدر ، لأنه قد يكون أكثر أحرفا من المصدر الأصلي .
نحو قوله
تعالى : { وتبتل إليه تبتيلا}
فالفعل "
تبتَّل " مصدره تبتُّل ، لذلك كان المصدر " تبتيلا " في الآية السابقة ملاقيا
للمصدر بالاشتقاق .
4 صفة
المصدر المحذوف .
نحو : ضحكت
كثيرا .
فكثيرا : نائب
عن المفعول المطلق المحذوف ، وهو في الأصل صفة له ، كما لو قلت : ضحكت ضحكا كثيرا .
ومنه : صرخت
عاليا ، وسرت سريعا ، وهاجمته عنيفا ، ومشيت حثيثا .
ومنه
قوله تعالى : { واذكروا الله كثيرا }2 .
وقوله تعالى :
{ واذكر ربك كثيرا }3 .
5 ـ لبيان
نوعه .
نحو : رجع
العدو القهقرى .
فالقهقرى :
نائب عن المفعول المطلق جاء لبيان نوع الفعل .
والأصل : رجع
العدو رجوع القهقرى .
ومنه : جلست
القرفصاء ، وسرت الهوينى .
6 ـ لبيان
عدده .
نحو : صليت
ركعتين .
ركعتين : نائب
عن المفعول المطلق مبينة لعدده ، وليس مفعولا مطلقا ، لأنه غير مشتق من لفظ الفعل
المذكور في الجملة وهو : صلى .
ومنه : قرعت
الجرس ست مرات . يدور عقرب الساعة ستين دورة في الدقيقة .
فستين : نائب
عن المفعول المطلق مبين لعدده ، ودورة : تمييز منصوب .
ومنه
قوله تعالى : { فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة }1 .
7 ـ ما يدل
على آلته .
نحو : ضربت
المهمل عصا . عصا نائب عن المفعول المطلق ، وهي الآلة التي ضربت بها المهمل .
والأصل : ضربت المهمل ضربة عصا .
ومنه : ركلت
الكرة رجلا . وضربت الكرة رأسا . ورشقنا العدو قنبلة .
8 ـ الإشارة
إليه .
نحو : أقدره
هذا التقدير .
هذا : اسم
إشارة مبني على السكون في محل نصب نائب عن المفعول المطلق .
التقدير : بدل
منصوب من اسم الإشارة ، وهو في الأصل المفعول المطلق .
ومنه : غضبت
ذلك الغضب . وقاوم المجاهدون تلك المقاومة البطولية .
9 ـ كل وبعض
مضافة إلي المفعول المطلق .
نحو : أحترمه
كل الاحترام .
كل : أضيفت
إلى المفعول المطلق ، فصارت نائبة عنه ، وأخذت حكمة وهو النصب .
ونحو : أسفت
بعض الأسف . وقصرت بعض التقصير .
وفي كلا
المثالين أضيفت أي إلى المفعول المطلق ونابت عنه .
ومنه
قوله تعالى : { فلا تميلوا كل الميل } .
وقوله تعالى :
{ ولا تبسطها كل البسط } .
ومنه قول
الشاعر :
وقد
يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا
10 ـ الضمير
المتصل العائد إلى المفعول المطلق .
نحو : كافأت
المتفوق مكافأة لم أكافئها لطالب من قبل .
فالضمير
المتصل في " أكافئها " يعود على المفعول المطلق " مكافأة " .
والأصل : لم
أكافئ المكافأة ، فالضمير المذكور نائب عن المفعول المطلق ، وليس مفعولا به . ومنه
: سأجتهد في عملي اجتهادا لم يجتهده غيري .
72 ـ ومنه
قوله تعالى : { فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين }1 .
11 ـ بعض
الألفاظ المضافة إلى المفعول المطلق .
وهي : أفضل ،
أجود ، أحسن ، أتم … إلخ .
نقول : اجتهدت
أفضل الاجتهاد . واجتهدت أجود الاجتهاد .
واجتهدت أحسن الاجتهاد . واجتهدت أتم الاجتهاد ، أو تمام الاجتهاد .
فكل من كلمة :
أفضل ، وأجود ، وأحسن ، وأتم ، وتمام ، جاءت نائبة عن المفعول المطلق ، لكونها
أضيفت إليه .
12 ـ ينوب عن
المفعول المطلق ما ، وأي الاستفهاميتان .
نحو : ما
كافأت الفائز ؟ وما كتبت ؟ وأي شراب تناولت ؟ ونحو : أي عمل تعملُ ؟
73 ـ ومنه
قوله تعالى : { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }2 .
13 ـ وينوب
عنه ما ومهما وأي الشرطيات .
نحو : ما تفعل
أفعل . ومهما تقرأ أقرأ . وأي رياضة تمارس تفدك .
14 ـ وينوب
عنه أي الكمالية مضافة إلى المصدر .
نحو : اجتهد
أي اجتهاد . والتقدير : اجتهدت اجتهادا أي اجتهاد .
وأصل " أي "
صفة للمصدر .
حذف عامل
المفعول المطلق :
يحذف عامل
المفعول المطلق جوازا ووجوبا وذلك على النحو التالي :
أولا : حذف
العامل جوازا :
1 ـ يجوز حذف
عامل المفعول المطلق المبين للنوع ، والمبين للعدد ، وذلك في الجواب عن السؤال .
كأن يقال لك : كيف سبحت ؟ فتقول : سباحة جيدة .
أي : سبحت
سباحة جيدة .
ونحو : كيف
قرأت ؟ فتقول : قراءة متأنية . أي : قرأت قراءة متأنية .
وكأن يقال لك
: كم سافرت ؟ فتقول : سفرتين . أي : سافرت سفرتين .
ونحو : كم
قفزت ؟ فتجيب : قفزتين ، أو ثلاث . أي : قفزت قفزتين ، أو ثلاث .
2 ـ يجوز حذفه
أيضا في المواقف التي يوحي بها .
كأن تقول لمن
قدم من الحج : حجا مبرورا ، وسعيا مشكورا .
وأنت تريد :
حججت حجا مبرورا ، وسعيت سعيا مشكورا .
غير أن المقام
يوحي بمحذوف مقدر في الجملة .
أما عامل
المفعول المطلق المؤكد فلا يجوز حذفه ، لأنه في حاجة إلى توكيد ، والذي يكون في
حاجة إلى توكيد كيف يمكن حذفه ؟
ثانيا ـ حذف
العامل وجوبا :
يجب حذف عامل
المفعول المطلق ، ولا يجوز ذكره في المواضع التالية :
1 ـ إذا جاء
المفعول المطلق مفصلا لمجمل قبله .
نحو : سأجاهد
في سبيل الله فإما فوزا ، وإما شهادة .
ففوزا وشهادة
كل منهما وقع مفعولا مطلقا لفعل محذوف وجوبا .
والتقدير :
فإما تفوز فوزا ، وإما تستشهد شهادة .
2 ـ إذا ذكر
المفعول المطلق وكان عامله خبرا لمبتدأ اسم عين ( شخص ) .
نحو : محمدٌ
قياما قياما .
فقياما الأولى
: مفعول مطلق . وقياما الثانية : توكيد لفظي .
وفعل المفعول
المطلق محذوف تقديره : يقوم . والفعل يقوم وفاعله المستتر في محل رفع خبر المبتدأ :
محمد . ونصب المصدر قياما لنه لا يصلح أن يكون خبرا للمبتدأ إلا على سبيل المجاز ،
فلا يقال على وجه الحقيقة محمد قيامٌ قيامٌ . لأن محمد ليس السير نفسه ، بل هو
صاحبه . أما إذا أريدت المبالغة في الإخبار قيل : محمدٌ قيامٌ .
3 ـ ويحذف
عامل المفعول المطلق وجوبا في الحصر بما وإلا .
نحو : ما يوسف
إلا اتكالا .
والتقدير :
إلا يتكل اتكالا .
وكما ذكرنا
سابقا فإن المصدر " اتكالا " لا يصلح ان يكون خبرا للمبتدأ " يوسف " إلا على سبيل
المجاز ، إذ لا يقال على وحه الحقيقة ما يوسف إلا اتكالٌ ، لأن يوسف ليس الاتكال ،
وإنما هو صاحبه .
4 ـ ويحذف إذا
كان المفعول المطلق مؤكدا لمضمون الجملة .
نحو : هذا
صديقي حقا . ولم أفعله البتة . وهذا عملي فعلا . وله عليّ ألف عرفا .
وأحمد صديقي
قطعا .
No comments:
Post a Comment